...لسماحة الإمام القائد السيد موسى الصدر
كلما يتحطم الموج فوق حبة رمل على شط هذا الوطن، وكلما تقسم صخرة قلب الموج نصفين وتحرق عزمه المتدفق من أوساط المحيط، اراك عائداً...
وكلما رفت راية فوق ربى جبل عامل، تمزق صدر الرياح برفرفتها الصارخة..هزم المحتل، أراك عائداً
أو عندما نودع القادة بطلاً تلو البطل، ودمهم يحدق فينا..
إلينا..
يعبر بنا من غياهب المجهول وكف القدر المتحطم عند أعتاب الدبابة الإسرائيلية وغرف التحقيق، إلى بقعة ارض تشرق فوقها الشمس، فيعلو همس السبايا والنساء الثكلى ويؤجج في الوجدان الشوق إلى النصر والحنين إلى كربلاء...
عندما نودعهم نذكرك... ونراك عائدا...
يا سيدي الإمام... ثلاثون عاماً وما حن قلب السجان
ثلاثون عاماً... ويزفنا الشوق إليك ويكبر عاماً بعد عام
ثلاثون عاماً وضمائر الخونة ماتت مع موت بعضهم، وكأننا قد بات لزاماًَ علينا أن نرتجي السواد، عاماً بعد عام ـ وقرناً بعد قرن، والصحراء واحدة من كربلاء وصوت جدك يحاكي وجدان الصخر قينهمر باكياً ويتحطم عند عويل النسوة وصرخة الطفل المذبوح في حجر أبيه...
إلى صحراء أفريقيا والموت القذافي في ليبيا، وصوت من عتمة الزنزانة يلقي علينا التحية والسلام ويسبح لله، يحاكي وجدان الأمة وأحرار العالم أن قوموا فإن الفجر محجوب إذا...ما سار مع دمنا المنام.
يحاكي القادة المرتمين في أحضانقاذفة السموم والقتن والقتل، يحاكي الملك والأمير ، الرئيس والوزير، الشيخ وحتى الفتى الصغير...
ثلاثون عاماً ويوسف عصرنا ما زال يستغرب سجود الكواكب والشمس والقمر لمقلتيه، ما زال يفسر لنا الأحلام ، يعدنا مرة بالخير وينبؤنا مرة بالشح. وكيف لا يأتي الشح إذ أنه في أمتنا كل من يخرج عن لعبة المال والعمالة يحال إلى السجون...
وعندما يلف المغيب بين أكتفاه
خيوط الشمس...
أراك عائداً
والبحر المتدفق من عينيك
يقودنا إلى عواصم التقدم...
والطهارة
الفكر والحضارة...
والريح العاصف
يخرج من عبّتك عند المساء
يزمجر بصفوف الأعداء
ويرفع لنا في ربوع التاريخ...
إسماً ولواء..
ويعود الثلاثين
أراك عائداً
تقرأ علينا قصصاً وحكايا
منذ عهد الملوك الأنبياء
وأن يوسف قضى عمره في السجن
وأن ليوسف شرّع الله أبواب السماء
وأن عيسى صلب فوق النخل
وأن عيسى بشفائه الموتى ميّز عن باقي الأنبياء
وأن محمد قد ارتجف من السعال مرة
وأن الله ليشفي محمد...
أنزل له من السماء كساء
وأراك عائداً
حين أذكر مصرع الحسين
وذبح عبدالله..
وآلام زينب والرباب
وحين أذكر كربلاء
أراك عائدا من مأساة كربلاء...
وعندما تتشعب القوافل نحو الأقصى
ويعود قسم بعلبك
والصوت الحر من قلب أمل
يناجي سعد بأن إرجع...
فالأرض يرثها عبادي الصالحون
ينادي عماد
أن قم
فإن الصدر اشتاق لوعد صادق
وإن الصدر رغم ليل النوي والظلم
عاد...
ينادي للوغى قوموا
إن القدس تأبى أن ترجع
إلا بيدكم
وأنها اشتاقت لتضمكم لصدرها...
في فلسطين البلاد...
وعندما ينزف الشفق
دمعاً فوق أكتاف الغيم
أراك من جرم الشمس عائداً
تقص علينا عهوداً وأسماء
وترفع صوت الآه فخوراً
ولا يذلّك السجان..
ترسل لنا من قلب الصحراء
خارطة
وأغنية بلا عنوان
بلا ألحان..
تهمس في دياجي الصمت
وترفع في ليالي الصوم آذانا..
إمصوا إلى الميدان
فالأرض يرثها عبادي الصالحون
إمضوا...
فالفجر محجوب
وآذان الفجر موصدة
لا تسمع فيها أصوات الزنادقة
ولا النائمين عن حقهم
وعندما يصدح في جنوبي صوت التحرير
في ليالي الإنتصار
أراك باسما من البعيد
وصوتك يعود لنا كل حين
والفجر من عينيك يتألق
رغم مأساة الحراب
وليالي الغصب والعذاب
وزرد السلاسل
وغرف الأغراب...
ثلاثون عاماً
ونراك عائداً
مع الشمس كل صباح
ومعها تغيب...
والشوق يقتلنا كل حين...
للقاء الحبيب
وتبقى عودتك إلينا يا سماحة الإمام القائد، طائراً يغرد في الصباح، يعرزف قوق مسامعنا أغنية غربتها الأيام عن شطآن هذا الوطن المجروح ببعدك،وشسافرت معك لتنقل صورة الجنوب، فعادت أليمة حزينة، تحكي لنا عن فرعون هذا العصر، وجراحات يوسف التي ألهبتها مآسي الوطنوأنين أبنائه...
وبعد الثلاثين سننتظر، ونجهز متاع شوقنا وحبنا لنسافر إليك، ونرفع الراية مجدداً فوق قلاع المغرب العربي، وسجون الشيطان الليبي المخادع، وتعود يا سيدي مع همسات السنونو عند الربيع، لنجدد القسم في بعلبك، ونمزق أحشاء الطاغوت بيد قدسية تحمل عصا...وهي يد موسى.
وقد بلغني منذ حين
أن في أقصى المغرب...
طاغوتاً متجبّراً
وقد بلغني أيضاً أن موسى
يعانق حديد الزنازين
وأن الفرعون قد أمر بقتله
وأن القاتل شلّت يداه قبل أن يقتل...
وقد بلغني...
أن في ااسّجن موسى...
سرقوا منه عصاه
شلّت يداه
وما نجحوا في إخفاء نهجه
ولا همسات صبحه...
وقد جاءني...
أن إلى أقصى المدينة
عاد رجل يسعى
وأن الناس قد اجتمعوا على نهجه
كاجتماعهم على معجزة ابن مريم
وان الرجل هو موسى...
وانه شق بحر الهزائم.
وعاد...